ختتمت
الأحد بمدينة سيفر الفرنسية فعاليات أسبوع ثقافي حول التعايش بين أبناء
الديانات السماوية الثلاث، الذي نظمته جمعية "حوار يهود ومسيحيين ومسلمين"
المحلية بالتعاون مع عمدة المدينة ومعهد العالم العربي بباريس واختاروا
لها شعار "الأندلس".
وتضمنت الفعاليات معرضا للتراث الإسلامي واليهودي
والمسيحي إبان فترة الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية في الفترة من
732 إلى 1492 ميلادية.
كما تخللت الأسبوع حوارات ونقاشات حول العلاقة بين الإسلام واليهودية والمسيحية شارك فيها مثقفون من أبناء الديانات الثلاث.
نموذج
|
ماري أوديل لافوس مارين (الجزيرة نت)
|
وقالت
ماري أوديل لافوس مارين إحدى مؤسسات جمعية حوار "إن الهدف من المعرض هو
إبراز تجربة الأندلس الفريدة التي تميزت بدرجة عالية من التسامح الديني
والتعايش الودي بين أتباع الديانات التوحيدية".
وأضافت أن الأندلس ما زالت نموذجا رائعا يمكن أن نستلهم
منه الكثير لتحسين العلاقات بين أبناء الديانات السماوية في مدينتنا وفي
فرنسا قاطبة".
واعتبرت مارين وهي مدرسة كاثوليكية أن المعرض "يظهر
بجلاء أن المسلمين ليسوا غرباء في أوروبا لأن إسهامات علمائهم وفلاسفتهم
وأدبائهم وفنانيهم كانت رافدا أساسيا للنهضة الأوروبية".
من جانبه قال لوران شتريت أحد مؤسسي الجمعية إن تلك
الفعاليات تهدف إلى دفع الأجيال الحالية من أبناء المهاجرين العرب، الذين
ولدوا وتعلموا في المدارس الفرنسية إلى الاعتزاز بأنهم أحفاد حضارة عظيمة
اخترعت الجبر وطورت العلوم ورقت الفنون في وقت كان فيه الغاليون (سكان
فرنسا الأصليون) متخلفون جدا".
تسامحوقال شتريت إن مؤسسي
الجمعية أدركوا أن سكان سيفر قد لا يكون بإمكانهم التحكم في الأحداث
الأليمة التي تقع في الخارج، بين اليهود والمسلمين والمسيحيين، إلا أنهم
يستطيعون بالتعارف والتآلف أن يحافظوا ويرسخوا أجواء الأخوة والتسامح في
مدينتهم.
أما عالمة اللاهوت جنفييف كامو فاعتبرت أن "الحوار بين
أبناء الديانات السماوية يجب أن لا يهدف إلى تحويل الآخر عن دينه، وإنما
معرفته على نحو أحسن وأكمل".
|
محمد الجندي (الجزيرة نت)
|
وأيد هذا الطرح محمد الجندي، الخطاط المصري المقيم
بفرنسا، مؤكدا أن الجهل المطبق بالآخر سبب أساسي في النظرة السلبية
للإسلام الموجودة في الغرب.
وقال إن بعض الزوار، الذين قرؤوا ترجمة الآية القرآنية
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
إن أكرمكم عند الله اتقاكم" التي كتبتها في إحدى لوحاتي، لم يصدقوا للوهلة
الأولى أنها بالفعل وردت في كتابنا الكريم.
ورأى المؤرخ الفرنسي دومينيك بورن أن فرنسا التي تسكنها
أغلبية ذات أصول مسيحية تتعايش مع خمسة ملايين مسلم وستمائة ألف يهودي،
ربما تحتاج إلى حوار ثقافات أكثر مما تحتاج إلى حوار أديان.
وأوضح أن الشعب الفرنسي من أشد الشعوب في العالم ابتعادا
عن التدين. وأضاف أن أغلبية واسعة من أبناء بلده يصرحون بأنهم لا ينتمون
لأي دين وأن 15 % فقط منهم يمارسون شعائر دينية.